آلم خفيف
كريشة طائر
تنتقل بهدوء
من مكان لآخر
آآه يا الهي ، من اين أبدأ؟
وعدني الاخرون بمتعة لا تضاهيها متعة عند الانتهاء من قراءتي لهذة الرواية و الحق اني تمتعت ثم انجذبت لها و لا اخفي اني تململت في عدة تفاصيل قد يكون لهذا علاقة بسوء مزاجي انا لا بحدوث عطب في اسهاب المؤلف في التفاصيل. ثم اني بعد ان تمتعت و انجذبت و تململت، بدأت أشعر بذاك الآلم الذي تحدث عنه الكاتب، و في النهاية بكيت.... لسببين
أولهما ،اختصارا بقدر المستطاع ، هو توافق القصة في كثير من اشخاصها، ظروفها، واحداثها معي و لكن الاهم ان الكاتب قد قطع علي متعة كتابتي لفصل مهم في شكل سيرة عائلتي كنت قد انوي الكتابة عنه و هم الجدين المفقودين في عالم الاحياء و الموجودين بكثرة في خيالاتي و اتصالي الروحي معهم. كنت هذا الصيف قد اكتشفت كنزا من الرسائل البريدية بينهم عندما كان جدي يسافر لبعثاته و مأمورياته هنا و هناك و كيف كان كلاهما يتخاطب بكل مفردات الحب و الاحترام و لا مانع ايضا من طلبات لاحدث خطوط الموضة و الاكسسوارات " و كريم صبغة جديد اسمه كوليستون".
لا اخفي حزني ان علاء خالد سلبني ما كنت اعتقده طريقي الجديد و المتميز في اظهار قصتي الاولى من ادب ذاتي موثق مبني على احداث و عينا حقيقية، يا لتني كنت قد ولدت سنة 1960.
ثانيهما هي الرواية نفسها بالطبع. ميزان الآلم لم يخب عن عدله في مقياس درجات الآلم منذ لحظة وصول الجد ابراهيم و حتى وفاة الوالدة في النهاية. لا اعتقد ان الكاتب كان مراقبا لهذة الريشة الطائرة بكل خفة من فصل لآخر و من شخصية لقرينتها بكل هذا الوعي و الا كنت شعرت بهذا التصنع و رميت بالقصة جانبا .
إن من البيان لسحرا، هل هكذا كانت؟ سحراً؟
ربما، لكن بعد انتهائي منها راودني هذا الشعور الذي افقت عليه عند انتهائي من طيور العنبر و صهاريج اللؤلؤ و قبلهما سفر التجليات و بينهما الحرافيش و تغريد البجعة و وداعا ايتها السماء.
عفوا، دعوني اتوقف قليلا لأشرح هذا طبيعة هذا الشعور. فهناك روايا ت تقرأها و انت تلهث مثل فرتيجو و روايات تقراها ثم تغلق الكتاب و تقول حسنا كأنك انتهيت من قراءة الجريدة و هناك و هناك و هناك.... الامثلة العديدة.
لكن" آلم" علاء خالد كان مثل "العشرة المفضلين في ادب القصة "** من ناحية اكتمالهم، في رايي الشخصي، اكتمالا لا ارى فيه نقيصة كانت من حيث الاسلوب، الشخصيات، الاحداث، الرابط . هذه السيطرة القادمة بكل خفة من وراء الكلمات فقط لتسيطر و تجعلك ، بكل واقعية، احد هؤلاء المتفرجين في زوايا مشهد من مشاهد لهذة الدرجة التي ما انت تنتهي فيها الرواية تشعر انك غريب عن عالمك و ناظرا اليه بكل سخط و مرارة.
كيف نشأ الآلم؟
منذ 14 عام اقتنيت سفر التجليات للغيطاني، و لمن قراءها سوف يجدها دسمة المحتوى، في الكم، اللغة، المعنى، التعاقب بين الواقع و الحلم و اخيرا في الاسلوب المستخدم في الرواية و الذي احسست انه مُستقى من غموض مكنون اسرار الصوفية. ربما.
لكن الغيطاني تطرق للحظة التقاء ابيه بأمه، كيف كانت هذه اللحظة الحزينة و مليئة بهم و خوف اثر عليه تكوينه فيما بعد، كيف ان لحظة الخلق الاولى تتحكم بها ظروف و امور و امزجة تكون هي الامر الناهي الخفي في تشكيل شخصيتها. شغلتني هذه الفكرة كثيرا ثم ذهبت في سبيلها.
في "آلم" الكاتب رايت تلك اللحظة مرة اخرى، لحظة خلق النطفة و هذا الشجن الذي آثر على تكوين شخصية والدة الراوي و انتقل بشكل او بآخر للابناء بصورة او بأخرى.
و كما هي الحياة، نبدأها فرادى، نبكي و نصرخ بمفردنا فور هجرتنا لرحم الام الدافيء و ننهيها فرادى في كفن يتسع لشخص واحد ، كان ايضا "آلم" الكاتب الذي بدأ وحيدا متمثلا في عودة الجد مسلوب الثروة مرورا بآلم كل فرد ورد ذكر اسمه في هذا السرد السلس. من آلم ريما لشعورها الازلي بالحبس الانفرادي وراء مرض امها المزمن، لآلم الأخوال و الخالات العازفين عن الزواج تآزرا و احتراما لآلم كل فرد منهم بداخله على حدة. هناك ايضا آلم فراق معتز، اصدقاء الجيش، حب الطفولة "زينة" و متواليات وفاة كل من فلان و علان.
لا تنتفض و انت تقرا كل هذه المآسي، بل تشعر انها مقبولة بشكل غامض، يدخل الى النفس و العقل بكل سهولة.
تقرأ ثم تقرأ، بل من الممكن لقارئة مثلي تشعر بالشيئ الكثير من عدم التجدد في حياتها الخارجية، ان يجعل التململ ياخذها بعيدا عن استكمال القراءة. لكن، ترى ان الوتيرة انخفضت و قل عدد ابطالنا رويدا رويدا ووصلنا لمرحلة كشف الاسرار و الزمن الحالي حتى تكتشف انك قد انتهيت من الرواية و تدرك لوهلة صغيرة جدا من الزمن هذا الآلم الخفيف كريشة طائر تنتقل بهدوء من مكان لآخر الذي تربص بك و سكنك دون ان تنفر منه.
حفصة، 22 مارس 2010
1 comment:
على الرغم من انى اول مرة اسمع اسم علاء خالد لكن تقديمك للرواية حسسنى انها كنز لازم احصل عليه
Post a Comment